الفهرس
تتزين شبه الجزيرة العربية بالتاريخ العريق عبر حضاراتها القديمة، حيث لعبت هذه الحضارات دوراً محورياً في تطوير المنطقة وجعلها اسماً بارزاً على الخريطة من الناحية السياحية، وذلك لتواجد العديد من الآثار التي تعكس مدى تطور هذه الحضارات سابقاً، ومن أشهرها هي حضارة مجان التي كانت تخفي أسرارها في الصحراء وعلى سواحل الخليج.
مع ذكر حضارة مجان تتوارد سلسلة من الأسئلة التي تدور حولها، فما هي هذه الحضارة؟، وما مدى تأثيرها في المنطقة؟، وما هي أشهر الآثار التي تعكس حقيقتها؟، لنلقي نظرة عن كثب في مجان وما تقدمه من سحر تاريخي عبر جولتنا التفصيلية، تابعوا معنا أبرز التفاصيل.
ما هي دولة مجان؟
حضارة مجان هي أحد الحضارات التي نشأت في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، وتحديداً في أراضي سلطنة عُمان وأجزاء من الإمارات، حيث انتعشت هذه الحضارة منذ حوالي 2700 ق.م، وذلك بسبب ثراء أراضيها بالمعادن الثمينة وخصوصاً النحاس، حيث كانت مصدراً رئيسياً لتصديره إلى حضارات أخرى مثل بلاد الرافدين.
لم تقف حدود الإبداع في هذه الحضارة مع بلاد الرافدين فقط، بل عُرفت أيضاً بعلاقاتها التجارية الواسعة مع حضارات كبرى مثل السومريين وحضارة دلمون وحضارة السند، مما جعلها ذات أهمية استراتيجية وتجارية في المنطقة، بالإضافة إلى تميزها بالتعدين وابتكارها أنظمة الأفلاج لجلب الماء، ما ساعدها على بناء مجتمع زراعي مستقر.
كما برعت مجان في التنظيم العمراني والمعماري في أبنيتها، إذ تعكس الآثار المُكتشفة مثل الأبراج الدائرية والمقابر الحجرية مستوى تقدمهم في هذا المجال، مما يكشف عن مكانة هذه الحضارة التاريخية وتسييرها للأحداث في تلك العصور.
أهم آثار حضارة مجان
كما ذكرنا سابقاً، تضم مجان سلسلة من الآثار التي تعكس مدى تطور هذه الحضارة في وقتها، فضلاً عن توفيرها فرصاً استثنائية كمواقع سياحية لعشاق التاريخ والباحثين فيه، مما يجعل منها ركيزة سياحية أساسية مع أشهر القلاع في عمان، ومن أبرز الأمثلة على هذه الآثار:
المدافن والمقابر
تعتبر المدافن والمقابر من أهم الشواهد التاريخية التي تنقل لنا الطقوس الجنائزية والروحية في مجان، إذ تم العثور على هذه الآثار كالآتي:
- مقابر دائرية يبلغ قطرها من 15 إلى 40 قدماً وتم العثور على 30 شخص مدفون بداخلها.
- غرفة كبيرة تحتوي على 200 مقبرة قرب جبل حفيت.
- انتشار المقابر على سفوح الجبال والوديان.
أماكن صهر واستخراج النحاس
برع أهل هذه الحضارة في صهر النحاس وتشكيله، حيث تم اكتشاف العديد من الأفران الطينية لصهر النحاس ومن أشهرها في الميسر بولاية المضيبي، بالإضافة إلى الأدوات المستخدمة في في تصنيعه، مثل المنفاخ الكبير وحفر الصب الرملية للتبريد.
وقد عُثر على بعض مستوطنات النحاس أيضاً مثل مستوطنة الميسر، إلى جانب مناجم النحاس الممتدة على طول وادي الجزي، إذ تصل هذه المناجم إلى أكثر من منطقة مثل الأصيل وعرجا والبيضاء.
موقع بات الأثري
يُعد موقع بات الأثري من أكثر المواقع الغنية بالشواهد التاريخية التي تعود لمجان، حيث يمكن إيجاد سلسلة من الآثار البنائية مثل المقابر والأبراج التي كانت تستخدم لأغراض دفاعية، إلى جانب الأدوات اليومية مثل:
- الأدوات والأواني النحاسية
- العثور على رؤوس حرب وقطع خزفية، بالإضافة إلى بعض أدوات المطبخ المصنوعة من النحاس.
علاقات مجان بالحضارات المجاورة
كما ذكرنا سابقاً، بلغت هذه الحضارة ذروة قوتها بسبب سُبل التجارة البحرية والبرية التي جعلتها على تواصل مع أضخم الحضارات العالمية القديمة، فضلاً عن كونها علاقات قوية ومتعددة الأبعاد مثل الثقافية والسياسية أحياناً، ومن أشهر الأمثلة عليها:
مجان وبلاد الرافدين
تم توثيق علاقاتها الوطيدة مع بلاد الرافدين من خلال النصوص السومرية القديمة، وكذلك من الآثار المكتشفة، إذ ورد اسم مجان في بعض الألواح المسمارية و وصفها بأنها أرض السفن ومصدر النحاس الرئيسي التي كانت تعتمد عليه سومر.
مجان وحضارة وادي السند
أما بالنسبة إلى علاقة حضاره مجان مع حضارة وادي السند، كانت هذه الحضارة بحاجة ماسّة إلى النحاس الذين كانوا يستوردونه عبر موانئ مجان، إلى جانب بعض الأختام التجارية التي تثبت تعاملها معها، ومن الناحية الثقافية، فقد تم العثور على فخار يحمل نفس الطابع المجاني والخرز والزينة، مما يدل على التبادل الكبير بينهم.
مجان وحضارة دلمون
لكون حضارة دلمون محطة وسيطة بين سومر ومجان، فقد تم استكشاف نصوص قديمة تدل على استخدام هذه الحضارات دلمون كـ نقطة وصول ومركز لاستراحة السفن، أما بالنسبة إلى التبادل الثقافي، يُعتقد بأن هاتين الحضارتين كانتا في تحالف اقتصادي أو ربما أحداهما خضعت للأخرى لفترات.
ختاماً، تعتبر حضارة مجان من أشهر الحضارات القديمة في الوطن العربي، لذلك يمكن القول بأنها مكتبة مفتوحة على الحضارات الأخرى التي توصلكم لها مدونة ترحال الأصايل وخصوصاً في عُمان والإمارات.
