الفهرس
تستمر الحضارات العربية بإبهارنا في عراقتها وتاريخها الضارب في جذور الأرض، حيث جابت هذه الحضارات الكتب التاريخية والنصوص الدينية السماوية باعتبارها من أهم العوامل المؤثرة في سير الأحداث عبر الأزمان، ومن أشهرها هي أرض مدين التي ذُكر اسمها على ألسنة الحضارات الأخرى وكُتبت قصصها الأسطورية في نصوصها، لذلك نعرض لكم هذه الحضارة المميزة وأهم أسرارها في مقالنا هذا، تابعوا معنا أبرز التفاصيل.
حول أرض مدين
ذُكرت أرض مدين عبر عدة سبلٍ تاريخية والنصوص الدينية في الكتب السماوية، ما يدل على أهمية هذه الأرض ولعبها دوراً محورياً في مجريات التاريخ، فضلاً عن الاعتقاد بأن أهل مدين قوم ساميون ولهم صلة مع الشعوب العربية القديمة، بالإضافة إلى ذكرها في النصوص المصرية القديمة التي كانت تعيش شرق نهر النيل وشمال الحجاز.
كما عُرف عن هذه الحضارة اهتمامها بالتجارة وخاصةً بالقوافل التي كانت تمر بين الشام واليمن مروراً بالحجاز، كما كانوا على صلة تجارية بالحضارات الكبرى في ذلك الوقت مثل المصريين والكنعانيون، وقد استوطنوا مناطق غنية بالمياه والواحات، مما ساعدهم على الاستقرار نسبياً مقارنة ببعض القبائل البدوية.
اين ارض مدين ؟
تقع أرض مدين قرب تبوك والبدع في المملكة العربية السعودية حالياً، وتمتد إلى المناطق المجاورة من شبه جزيرة سيناء وجنوب الأردن، وتعتبر مدينة البدع أهم المواقع التي ترتبط بهذه الحضارة وعُرفت سابقاً باسم “مغاير شعيب”، حيث تحتوي على آثار يُعتقد بأنها تعود للعصور القديمة.
اثار مدين
في شمال الجزيرة العربية، تقع مدين حيث تختبئ آثار الحضارات الغابرة بين الجبال والوديان، لتشكّل لوحةً فنيةً في الآثار المكونة من المقابر المنحوتة والآبار الضاربة في عمق التاريخ، بالإضافة إلى العديد من المواقع الأخرى التي جذبت انتباه العالم نحو المنطقة، لذلك جمعنا لكم أشهر هذه المعالم التي تتمركز في مدائن شعيب كالآتي:
المقابر والمساكن
تُعرف هذه المنطقة أيضاً باسم “مغاير شعيب”، وهي مدينة أثرية في وسط الصحراء تشتمل على بيوت منحوتة في قلب الصخور والجبال القاسية، فضلاً عن القبور التي تروي الحكايات الجنائزية لأرض مدين، إذ يرى بعض العلماء بأن تاريخ هذه المدينة يعود إلى الألفية الثانية قبل الميلاد.
الهياكل الضخمة والمباني
تضم مدائن شعيب سلسلة من المعابد المنحوتة في الصخور كنظيرها من المقابر والمساكن، حيث تنقل لنا هذه الهياكل نظام العبادة السائد في تلك الأيام وتبيّن الأسرار التي اعتنقها أهل مدين عبر القرون ومعتقداتهم، وعلى الرغم من تشابهها الكبير في أسلوب البناء مع مدائن صالح والبتراء عاصمة حضارة الأنباط، إلا أنها تمتلك طابعها السحري الخاص.
الآبار والقنوات المائية
تشهد الآبار والقنوات المائية على عبقرية الإنسان القديم في تطويع الطبيعة القاسية، إذ حُفرت الآبار بعناية في الصخور لتكون رمزاً على الصمود وسط البيئة العنيدة، مثل بئر السعيدني التي لا تزال تنبض بالحياة وتدور الأقوال حولها بأنها تعود إلى عهد النبي موسى عليه السلام.
أما القنوات المائية، فقد شُيّدت بذكاء هندسي بارع لتوزيع المياه على البساتين والواحات، مما يدل على وجود مجتمع زراعي مستقر ومتقدم نسبياً في فهم أنظمة الري واستدامة الموارد، لذلك لفتت هذه الآثار الانتباه باعتبارها ركيزة أساسية لبقاء المستوطنات عبر العصور.
أرض مدين والشعوب الأخرى
يُعتبر التبادل التجاري من أهم العوامل المحددة لقياس مدى تواصل أي حضارة مع جيرانها، حيث أشارت بعض التقارير التي ذكرت عن بعض الأدوات والفخار المنقوش من الحضارة المدينية في أراضي أخرى مثل كنعان والأنباط، مما يدل على النشاط التجاري والتواصل مع المناطق التجارية.
فضلاً عن الآثار التي عُثر عليها في القبور من جواهر وحُليّ مثل الأمشاط والأصداف، مما يعني وجود علاقات في استيراد مواد فاخرة من مناحٍ بعيدة، لهذا وعلى الرغم من قلة الدلائل، إلا أن نبض التجارة والتواصل مع الشعوب الأخرى كان جزأً من حياة المدينيين في تلك الفترة.
ختاماً، تعتبر أرض مدين من أهم الحضارات القديمة في الوطن العربي والتي رسمت أساسات التاريخ في شبه الجزيرة العربية، فهي نقلت هذه الآثار من شمالها ونقلت حضارة مجان آثارها في جنوبها، لتكون سلسلة بارزة لرحلات السياحة التي تقدمها لكم مدونة ترحال الأصايل لاستكشاف التاريخ والآثار.
